أحبك !!!!

كنت أعلم أبدا أن الوداع صعب مالح بطعم دموعه و قبلاته بل و حتى كلماته التي تأبى الإنعتاق من بين الشفاه . . . لكنني لم أدري يوما أنه يكون أشد قسوة و عذابا حين يتم في صمت و سكون فتحس نفسك كالميت غدرا لا فرصة له حتى في استعراض أهم لحظات حياته و هو في آخرها .
لقد غادرت دنياي مشيا على أطراف أصابعها فكان لزاما علي أن أؤثث مشهدا للوداع كي أجعله نهاية لعالم لا تكون خاذلتي كائنا من كائناته . . . و في حين الرؤيا عجز لساني عن الكلام لكن عيوني لن و لم تمل يوما عن البوح بأسرار دواخلي ضاربة توسلاتي عرض الحائط .


- لقد عاهدتني على أن تكوني آخر رفقتي في رحلة الحياة فلما تصرين على نكث العهد لتجعليني رجلا عاجزا لا يتعدى جسدا بلا روح ؟؟؟؟
-

أجئت لتعاتبني اليوم و قد تركت عشقنا مولودا في كنف المجهول . . . أين كانت عبراتك حين ملأت نضراتي أفق الشوق بحثا عن روحك . . . ألم تقل دائما أن هوانا وردة تحتاج مائي و سمادك للخلود . . . فأين كان سمادك حين جف فؤادي جراء سقيي المتوحش لها لعلها تتفتح في انتظار رجوعك .
-

أنا لم أغب أصلا لأرجع يوما . . . فكان حبي لك يشمل كل أيام العمر . . . أملت أن يكون غدا أرق و أطول فبدلت اليوم بسخاء . . . أسفت لأنك لم تفهمي توجهاتي فما كانت قسوتي أحيانا إلا ضربة مؤلمة من الوراء كانت غايتي منها أن تدفعك إلى الأمام نحو الغد الذي أملته بل و ركبنا صورته القرمزية معا.
-

غريب أمرك يا رجل أتود لبن الغد دون أن تغترف من حليب اليوم . . . لقد قلت لي دائما أن اليوم هو البوابة و الجسر نحو الغد و الأحلام ولكنك أثقلت كاهل الجسر رغبة في الوصول مسرعا فسقط محترقا لنظل معلقين سوية بين الأرض و السماء فلا تعاتبني عما صنعت .
-

حتى لو كان كذلك المهم أنني فعلت كل شيء من أجلك . . . أتلومينني اليوم عن رغبتي في الوصول مسرعا
أكثر من اللازم . . . كنت أتمنى لو انك لم تنسي أن وازعي كان خوفا و رهبة من أن يخطفك القدر من بين يداي . . . لكنك نبت عنه و أهديتني بئرا من الوهم مقابل قدح الوفاء بعد أن رددتي مرارا أنني شمس ليلك إن غاب عنها القمر كما لا تزالين خيط الضوء في نفق عيشي المظلم . . . وددت حقا لو أكون ما قلتي . . . أفلا تتذكرين حين كنت الأب و الأخ و الحبيب ؟؟؟؟
-

بلى لكنك كنت أبا حاضرا حين تتطلب الأمور الكثير من القسوة لتغيب حين الحكمة و الحنان كآباء من التاريخ وئدوا بناتهم خشية العار فصرت أخا يحب كل حرية الدنيا و يمنع عن أخته نظرة إلى السماء لا لشيء إلا لأنها امرأة قوامها الشرف . . . سننت عرفك و قلت أن الشرف و الحرية خلان لا يجتمعان و صار من الطبيعي أن تكون حبيبا لا يعرف عن الحب سوى أنه امتلاك و وضع رهن الإشارة .
-

لكنني أحببتك و جعلت دمائي مياها جارية في نهر شوقك . . . أفلا يكفيك أنني غيرت معتقداتي و صرت زنديقا
يحاجج عظماء التاريخ من أجلك حتى ضربت نسبية إنشتاين عرض الحائط حين وثقت أن حبنا مطلق لا نسبية فيه بل و سخرت من بيير داكو حين أصر أن الحب لعبة مجردة فعقبت أن الهوى حكمة مادية ارتشفتها في شفاه حبيبتي و سمعتها في نبضات قلبها و كلام عينيها .
-

ربما كنت تهيم عشقا لكنك أسرت قلبك في زنزانة الكبرياء حيث احتفظت لنفسك بإحساس حبك لي و تناسيت أننا شريكان فيه لا يمكن أن يحتفظ أحدنا دون الآخر برضيعنا الميت و وردتنا الذابلة . . أنا لم أحتج يوما لعباقرة التاريخ و نظرياتهم بل اكتفيت بروحك و فؤادك اللذين أضعتهما بتيهك في عوالم الآخرين.
-

كلامك حقيقة ترى الواقع بأعين الخيال . . . حقا أضعت فؤادي و روحي رغما عني ولكنك تتغاظين عن ملموس يقر أنك سالبتهما . . . أنا لم أغص يوما في عوالم الآخرين لأظل هنالك مدى الحياة بل فعلت رغبة في أن أجلب لكي روعة الدنيا لعلك تحسنين إكرام أسراك و هدا ما يعذبني حد الموت . . . فحين تضيع منك الروح و الفؤاد حيث لا تدري يحضنك النسيان بذراعي الأمل و الحلم لكنك تحتفظين بهما و تبتعدين رافضة الاختفاء .. . إد داك لا أملك سوى الانحناء طالبا عقوك و صفحك فأنت من علمني أن الحلم إبن الحب و ان العفاف منطق العشق فما أنت فاعلة اليوم في أب قاس و أخ متجبر ثم حبيب واهم.
-

أسمع . . . لقد تعاهدنا أبدا أن نحفظ وردتنا حتى لو استلزم الأمر أن نتحدى القدر لكنه ترك حروف وعودنا مجرد دماء متطايرة من قلب انفجر من كثرة عناده . . . إذن فلنراضي القدر و لنترك له كلمة الفصل لعله يرق و يغفر لنا مجابهتنا .
-

سئمت اختباءك في برقع القدر فكل ما نود قضاء و قدر . . . أ نال منك العطش يوما فقدم لكي هدا القدر كوب ماء دون أن تبادري إلى دلك . . . أ دلك القدر يوما إلى معطف و أنت ترتجفين بردا في عنوة الليل . . . إن القدر يريد ما نريد و يفعل ما يريد إذن فلتمنحيه إرادة عشقتا لتحرك إصراره . . . و حتى إن لم يود فما إلحاحنا في روحينا سوى فرار من قدر الله إلى قضاءه . . . إذن فأختاي بين قضاء نهرب إليه سوية أو بين قدر ترسمينه على لوحة حياتك الخاصة دون فرشاتي ؟؟؟


- آسفة فليست لي في الأمر خيرة . . . لم أعد أرغب في اختيار شيء بل تركت لقدري أن يختارني .


- إذن على الأقل اختاري كلمة لوداعنا ؟؟؟


- أحبك