بعض الفتيات يشتكين بأنهن قد وصلن إلى مرحلة يحتجن فيها إلى من يستمع
ويصغي لهن، ويشتكين بأن الأم التي من المفترض أن تستمع وتصغي لابنتها في
هذه المرحلة الحرجة من حياتها، قد أصبحت مشغولة عنها، ولا تعطيها الفرصة
لأن تفتح لها قلبها وتصارحها بكل ما يجول بخاطرها ويؤرقها ويقلق مضجعها،
وهذه من الأخطاء الشديدة التي تقع فيها بعض الأمهات، وتنسى أن ابنتها
الصغيرة قد كبرت، وتحتاج إلا صديقة تحكي لها وتستشيرها في أمور حياتها.
ولأن البنت قد وجدت أمها تصم آذانها عنها، ولا تصغي إليها فإنها تبدأ
في البحث عن صديقة أخرى خارج البيت، ولربما ساعتها أوقعها قدرها في بعض
صديقات السوء، التي قد تأخذها بعيداً عن طريق الاستقامة والصلاح.
من هنا فإن كثيراً من الفتيات يصرخن ولسان الحال قبل لسان المقال يقول:
أمي اسمعيني أرجوك..! أمي اسمعيني فقد وصلت إلى سن البلوغ ولا أعرف شيئاً
من أحكام ديني في الطهارة، ولا كيف أتطهر من دم الحيض، ولا أعرف الفرق بين
دم الحيض ودم الاستحاضة! أرجوك ساعديني وعلميني أحكام ديني.
أمي أرجوك اسمعيني.. فإنني قد أصبحت في مرحلة المراهقة، وأحس أنني قد
صرت أنثي، وتغيرت نظرات الناس إليّ، وبدأت معاكسات الشباب لي، والكلمات
المعسولة تتسرب إلى مسامعي، وأشعر أني أريد أن أصبح كالفتيات.. أحظى
باهتمام الشباب... ماذا أفعل يا أمي؟.
أمي اسمعيني أرجوك... صديقاتي يصفونني بأنني فتاة معقدة وانطوائية لأنه
ليس لي أصدقاء، وليس لي علاقات، وليس لي غراميات، كيف أقاوم هذه الإغراءات
التي تطاردني ليل نهار؟.
أمي.. تحكي لي بعض صديقاتي عن الشات وعلاقات الشات، وأنا أتصفح بعض
المواقع أراد أحدهم أن أحادثه عن طريق الشات.. لكنني رفضت وتذكرت مراقبة
الله لي، ولكنه يحاول إغرائي ماذا أفعل؟.
أمي أرجوك اسمعيني.. فقد بدأت تراودني أحلام كثيرة وخواطر كثيرة..
بعضها أحس أنه طيب وجميل، وبعضها أحس أنه كريه وشرير، ولا أعرف كيف أميز
الخواطر الطيبة من الخواطر الخبيثة.
أمي.. أحس في بعض الأوقات أن العالم أمامي عالم رحب فسيح، وأن بإمكاني
أن أفعل كل شيء وأي شيء، وفي بعض الأوقات أحس أن الدنيا أمامي ليست سوى
سحابة سوداء لن تنقشع ولا أعرف ماذا أفعل؟ ولا كيف أقاوم الإحباط أو اليأس
الذي يراودني أحياناً؟ فهل أجد لديك الجواب؟.
أمي أرجوك.. لا تعنفيني كلما صارحتك بشيء.. أريدك أن تكون صديقة لي..
أحكي لها وتصغي إلىّ.. أشكو لها وتشاركني شكواي.. أبوح لها وتحفظ سري..
أجري إليها وأنا متعبة فتأخذني بين أحضانها وتضمني في عطف وحنو.. أمي
اسمعيني أرجوك.. فأنا أحتاج إليك الآن أكثر..وأحتاجك الآن أكثر.