(قبل فوات الآوان:"أحبك يا أماه") ..

بسم الله الرحمن الرحيم

هذي أول قصة مش بوليسية لي
أتمنى ان تعجبكم ..

(قبل فوات الآوان:"أحبك يا أماه")

كان الشاب حسن
عائدا من مدرسته الثانوية حيث قضى وقتاً ممتعاً كعادته هناك ومتوجهاً إلى
منزله سعيداً فرحاً ومبتسماً يتذكر الأوقات الممتعة التي قضاها في المدرسة
.. زاد حسن من سرعة مشيه حيث كان مشتاقاً
إلى طعام أمه اللذيذ حيث وعدته بأن تعد له طعامه المفضل (المفتول) ..
ولكنه فجأة نزل عليه الحزن والكآبة إلا أنه لا يدري ما السبب إلا أنه شعر
بالحزن وخفف من مشيه وبدأ يفكر بالذي يحزنه واستمر في التفكير حتى وصل الى
المنزل ورأى شيئا لم يعتد أن يراه .... لقد رأى أباه راكباً سيارته ولكأنه
ينتظر شخصاً معيناً .. لمح الأب ابنه وصاح به وقال : "تعال هنا.." بدا الأب بنظر ابنه غريباً ولكأنه تغير .. حيث لم تكن من عادة الأب المبتسم أن يظهر بوجه عابس.

:" يا ترى ماذا هناك؟" يسأل حسن نفسه.

اقترب الابن من الأب منفذاً ما أمره به ولم يتركه فضوله إلا أنه بمجرد وصوله بدأ بالسؤال: " ماذا هناك يا أبي ؟؟"

تفاجأ الأب لوهلة من سؤال ابنه ... نظر إليه .. ولم يستطع أن يكتم ما يحتوي قلبه من ألم.

: "اركب يا بني؟؟" الأب بصوت قابض

: "إلى أين؟؟"

قالها ثم ركب السيارة ونظر الى أبيه منتظر الرد الذي بادره بالنظر وعلم أنه لا مفر من إخباره الوجهة الحزينة

"نحن ذاهبون .... لنــ ... لنزور أمك يا بني .. أمك في المستشفى"

وتحرك بسيارته متوجهاً إلى المستشفى.

رد الابن بمجرد تحرك السيارة: "ماذااا؟؟ .. هل .. هل هي بخير؟"

أكمل
الأب طريقه ونظره إلى الطريق أو كان في الحقيقة إلى الأفق وترك ابنه
بسؤاله وكأنه غير موجود أصلاً في السيارة .. نظر الابن الى أبيه ودقق في
وجهه الذي تغير من كثرة ما يحتويه من كآبة وحزن .

:"من هذا؟؟ .. هل هذا أبي؟؟" حسن يسأل نفسه

:"لقد
تغير كثيراً .. أنا لا اعرفه بهذه النظرة .. لم أره حزيناً بهذه الطريقة
.. هل يا ترى أمي في حالة خطرة ؟؟ .. هل تعاني من مرض مزمن ؟؟ .. هل عاد
لها الورم الخبيث مرة أخرى؟؟ .. ولكنها كانت جيدة في الصباح .. يا ترى ما
الذي حصل؟؟"

ووجه
نظره إلى أبيه الذي شعر بنظرة ابنه وتساؤله عما يحصل إلا أنه لم يحرك
ساكناً وكأنه جبلٌ يقود السيارة واستمر ذلك لدقائق حتى تحرك الجبل من
مكانه ونظر إلى ابنه الذي لم يستطع الصبر أكثر عن جهله وقال له بكلماتٍ
بطيئة :"يا بني .. قدر الله ما شاء فعل"

ثم سكت سكتة أنزلت الرهبة في قلب حسن

:"لقد .. لقد ساءت حالة أمك وعاد لها المرض فجأة و.... و ..

وقد أخذ الله أمانته" ثم سكت وبدأت دموع الرجال تنزل من خديه واستمر في القيادة وعاد الى سكونه

فهم الابن كلام أبيه وعرف ماحصل إٍلا انه لم يصدق.

يقول في نفسه.

:"أمي
.. أمي .. لا .. لا أصدق .. لا يمكن .. فقد كانت بحالة جيدة في الصباح
.. لا يمكن أن تموت .. بل مازلت أذكر ابتسامتها لي في الصباح حينما ودعتني
وقالت لي إنها ستعد لي وجبتي المفضلة .. لا .. لا .. لا يمكن .. ربما أبي
يمزح معي"

تحركت شفتي الابن يريد أن يسأل أباه:"أبييييي...."

نظر الأب الى ابنه وقد شعر بما يفكر فيه وحس بشكوكه كيف لا وقد حصل له مثل ما يحصل لابنه .

لم ينتظر الأب سؤال ابنه فرد:"نعم يا بني .. لقد ماتت بالتأكيد ونحن ذاهبان الى المشرحة لتشاهدها لآخر مرة في حياتك"

كان رد الأب قاسيا إلا أنه مضطر فلم يملك الذهن الكامل لينتقي كلماته بإتقان ليخفف الوقعة على ابنه الوحيد.

نزلت كلمات الأب على حسن كالصاعقة فقد أدرك الآن أنه على خطأ وأن أمه بلا شك قد ماتت . لم يستطع حسن
أن يحرك ساكناً , بل أصبح مثل أبيه ينظر الى الأفق وبدأ يتذكر أيامه مع
أمه منذ أن كان صغيراً حيث كانت تحضنه , وتذكر كيف كانت تقبله عندما كان
فتاً صغيراً , وكيف كانت تنظر اليه نظرات العطف والحنان له عندما كان
يافعاً , وكيف تركها وترك ذلك كله بعد أن كبر.

بدأ يعيش الابن مع ذكرياته مع أمه التي ما كان يشوهها إلا استيقاظ عقله الواعي ليقول له إن أمك ماتت.

بعد فترة ليست بالطويلة وصل الاثنان إلى المستشفى أو بالأصح الى المشرحة .. كانت هذه المرة الأولى التي يرى بها حسن
مشرحة .. دخل الغرفة مع أبيه وبدأ يتفحص الغرفة ورأى الكآبة التي تسكن
المكان بل الوحشة والظلمة .. الغرفة كانت فارغة ما عدا الخزانة المملوءة
بالدروج الكبيرة على اليمين .

سلمت الدكتورة على والد حسن وسألت عن الاسم فرد الأب بحزن

:"عائشة أحمد"

ذهبت
الدكتورة إلى الخزانة وأمسكت بأحد الدروج وفتحته وأنزلته وإذا به يحمل جثة
هامدة مغطاة بالقماش الأبيض ترفع الدكتورة الغطاء ليظهر وجه الأم الذي مع
ذهاب الحياة منه الا أنه مازال مليئاً بالحنان.

لم
يستطع الأب مواصلة النظر الى امرأته العزيزة التي لم تتهاون في صنع
السعادة له .. فأبعد ناظريه عن الجثة ووجهه إلى الابن الذي ملأ وجهه
الدهشة الحزينة .. كانت أول مرة يرى فيها جثة ولمن؟؟ ... لأمه .

بقي الاثنان مع الجثة حيث لم يستطيعا ترك الجسد الذي عاش معهم لمدة أكثر من 15 عاما.

وبعد فترة شعر الأب بأن عليه أن يترك الابن لوحده مع أمه العزيزة ليخرج مافي قلبه .. وترك ابنه وغادر الغرفة بخطوات ثقيلة.

لم يستطع حسن
كتم شعوره أكثر من ذلك كيف لا وهي أحب الناس الى قلبه .. كيف لا وهي من
ربته عند صغره على الأخلاق الحسنة .. كيف لا وهو قد عاش في جسمها 9 أشهر
.. كيف لا وهي أمه.

ينظر الابن الى وجه أمه الوجه المبتسم المملوء بالحنان .. مغمضة عينيها كأنها نائمة

تحركت
شفتا الولد بعد أن كانت مقفلة لفترة وقال وفمه يخرج منه الحنان :"أمي ..
كم قصرت في حقك؟؟ .. كم مرة ناديتني فيها باسمي وتجاهلتك بحجة أني لا
أسمعك؟؟ .. كم تركتك تعملين بالمنزل وتبذلين قصارى جهدك ولم أساعدك بحجة
دراستي؟؟ .. كم مرة صرخت في وجهك معترضا لأنك كنت تخافين علي من خروجي مع
صحبة السوء؟؟"

بكى حسن بكاءً شديداً ثم حضنها وقبل رأسها وأكمل شكواه

"هل
قبلت رأسك من قبل؟؟ .. أو هل حتى قبلت يديك؟؟ .. هل رددت نظراتك المملوءة
بالحب والحنان بنظرات تشابهها او حتى قريبة منها؟؟ .. هل قلت لك يا أماه
من قبل أني أحبك؟؟

لماذا؟؟ .. لماذا؟؟ .. لماذا؟؟ كان ينعقد لساني عندما

أرغب أن أقول لك أحبك

لماذا كانت تشل أطرافي عندما أريد أن آتي لأقبلك...

" آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآخخ "

بكى وعلا صوت بكائه وقبل رأسها مرات عديدة ثم قام وقال

:"كم أتمنى أن يعود بي الزمن الى الوراء لأشكرك وأقبلك وأقول لك بملء فمي إني أحبك .. أرجووك يا أماه ارض عني"

:"ربي
.. أرجووك يا رب العالمين أحيي أمي مرة أخرى للحظة لأقول لها أحبك .. يا
رب أعطني فرصة أخرى .. أعطني فرصة أخرى لأبوح لأمي بما أشعر به وأفعل لها
ما قصرت في حقها في حياتها .. إنه يا رب لا تساوي الدنيا شيء من غير الأم
.. لا تساوي الدنيا شيء من غير أم تقبلها كل يوم من يديها ورأسها .. لا
تساوي الدنيا شيء من غير أم تمدني بالعطف والحنان يكفيني ليومي .. لا
تساوي الدنيا شيء يا ربي من غير أمي"

بكى حسن بكاءً لم يبكيه منذ أن كان صغيرا وصرخ صرخة هزت جدار المستشفى

:" أماااااااااااااااااااااااااااااه"

وحضنها وقبل رأسها للمرة الأخير.

ونظر الى أمه نظرة وداع ..وهم بالمغادرة.

إلا أنه وفجأة فتحت الأم عينيها .. خاف حسن واستغرب.. قالت الأم:"استيقظ يا حسن"

ماذاااا؟

فجأة وجد حسن نفسه في فراشه وتقوم أمه بإيقاظه

:"هيا بني .. فلتقم كي لا تتأخر عن المدرسة"

لم ينتظر حسن
لحظة للتفكير .. وقف من السرير وحضن أمه وقبلها وقبل رأسها وقبل يدها وقال
لها :"انا آسف لأني قصرت في حقك من قبل .. أنت أمي وأنا يا أمي ... أحبك"

كانت كلمات حسن مؤثرة في أمه لتنزل دمعاتها الجميلة

:"حسنا يا بني .. وأنا أحبك أيضا .. "

"أمي .. هل يمكنك أن تجلسي معي لفترة"

استغربت الأم من سؤال ابنها .. إلا أنها نفذت كلام فلذة كبدها وجلست بجانبه في السرير.

هنا أخبر حسن أمه بماحلم به بل بالواقع أخبرها بالكابوس الذي حصل له وبعد أن انتهى قالت:

"والآن ألن تتذوق شطائر أمك التي تحبها .. هيا بسرعة قبل أن تتأخر عن المدرسة"

رد بكل سرور

"بلى..."

وخرجت الأم من الغرفة ..

ثم تساءل حسن في نفسه:"هل يا ترى كان مجرد كابوس ؟؟ أم أن الله استجاب دعائي؟؟"

ثم فكر لوهلة:"الحمد لله .. المهم أن هذا درس لي بأن أستغل وجود أمي قبل أن يحصل الكابوس في الواقع فهو واقع لامحالة"

النهاية

» أماه
» أحبك !!!!
» فتاة تكتب كلمة أحبك بدمها