سر الفراق...
مازلت اذكر ذاك اليوم يومها اجبرنا على الفراق ولم يكن بيدي الخيار,كنا نجلس في مقهى بمحاذاة الحديقة الصغيرة
اطفال هنا وهناك يلعبون ويمرحون ,لا يوجد للفراق معنى في قاموسهم ,مازلت اذكر ذاك الرجل جالسا بجانبي
كاد بطوله ان يلامس سقف المقهى,كان يرتدي قبعة راجيا منها ان تخفي تحتها صلعته اللامعة,كان شاحب الوجه
حتى ظننته ميتا وحيا في ان,فجاة التفت نحوي ووجدني مستغرقة في النظر اليه,غير مبالية بعواقب فعلي هذا
بعد ان عدت لوعي احمررت خجلا واعتذرت بحجة اني قد رأيت فيه شبها,لم يعرني اهتماما واستدار كأني لم اتفوه بكلمة قط,
بعدها رأيت امامي طفلة صغيرة جميلة المحيا تبدو عليها اثار التعب من كثرة اللعب لكن ما يهم هو الفرح الذي جنته من لعبها هذا,
ظللت اراقبها حتى غابت عن ناظري, ثم عدت من جديد لك مرافقتي كنت تجلسين بجانبي ويدك الصغيرة على خدك
تحملين فوقها رأسك وكأنه يزن اطنانا ,لم اعهدك على هذا الحال ,دموع تذرف من عينيك العسليتين كأنها وديان غيرمنقطعة
كنت امسحها لك لكن بدون جدوى,
سألتك ما سر بكائك؟ صمت برهة ثم قلت:لم اعد اريد صداقتك ولا تواجدك في
حياتي كان وقع كلماتك كسكين يتدرج على جسمي فيقطعه اشلاء, رسمت علامة تعجب
منتظرة تفسيرا لكن لا حياة لمن تنادي ,لم افهم سبب قرارك هذا حينها تمنيت
لو ان شخصا اخر قال هذا الكلام لا انت,بدت لي الدنيا ظلام لم اعد ارى ذاك
الرجل ولا الاطفال لم اعد اسمع صيحاتهم وقهقهاتهم
حتى نبضات قلبي اختفت أقتلتني وانا حية؟ أهكذا تجازينني؟طفولة ومراهقة
وشباب فيه افترقنا , لننسى الماضي كانت كلمتك , لو انك صفعتني لكان اخف
الما منها, مازلت اذكر صرختي التي دوت لها جدران المقهى حتى اعتقدت ان
كأسي قد انكسر
بعدها حملت حالي وذهبت ظللت اركض واركض لا ادري الى اين ,تركت خلفي
الماضي مدركة انه لن يعود ,فذهبت للبيت علي اجد ظالتي لكنه كان خاليا سوى
من زقزقة عصافير دخلت علها تواسيني وتخفف من حزني لكن غنائها ما لبث ان
انقطع,لاجد نفسي وحيدة مرة اخرى, بعدها سمعت طرقا على الباب قمت لافتح
فوجدتك انت لماذا لحقتني ألم تقومي قبل قليل بطردي من حياتك كورقة لم تعد
تنفع للكتابة؟ قلت لي جئت لتفسير قراري ادخلتك وجلست على الكرسي بينما
ذهبت انا لتحضير الشاي,
وانا في المطبخ سمعت صوت سعال غير عادي دام مدة طويلة فخرجت لاستكشف الامر واذا بي اجدك ممددة على الارض
وفمك يسيل دما هرعت اليك فوجدتك غائبة عن الوعي, حينها استدعيت الاسعاف فنقلتك للمشفى
بعد معاينة الطبيب لك اخبرني ان بك مرض خطير لن تشفي منه ابدا وان ايامك اصبحت معدودة
ارتابني شعور بالهلع اذ كنت السبب في زيادة الطين بلة لن اسامح نفسي اذا حدث لك مكروه صديقتي
دخلت غرفتك فوجدت وجهك منيرا امسكت يديك فبدات دموعي بالهطول كحبات مطر بلا سحابة
فجاة فتحت عيناك وابتسمت اردت الحديث فلم اسمح لك,لكن مع ذلك قلت لي الان تعلمين سبب قراري
لم ارد ان اتعبك معي في ما تبقى لي من ايام وضعت يدي على فمك وقلت اذا لم اكن بجانب صديقتي فبجانب من اكون؟
شكرتني بابتسامة مازلت اذكرها للان بعد مرور 5 سنوات على وفاتك كان يوما مشرقا يوم صعدت روحك لبارئها
ذرفت يومها دموعا جفت بعدها عيناي فليرحمك الرب وليسكنك فسيح جناته ساتذكر صداقة كانت بيننا
عسى ان يجمعني واياك في جناته ... خلصت بعدها الى ان الصداقة لا تموت بموت احد الصديقين بل تظل في
القلب والعقل وتدوم في الاخرة