جسر الألم ...

موضوع: جسر الألم ... الجمعة 09 يوليو 2010, 5:28 am

- إستيقظت المدينة
على صدى خبر هز أرجائها ، فاجعة موت مدللتها ، إنطفأت شمعة بنت العشرين
عاما ، وجدوها مرمية هناك بعيدا عن بيتها ... تحت الجسر ... ماتت لوحدها
في ليلة باردة ،... ، تناثرت الأخبار من هنا و هناك ، يقولون قتلوها و
الآخرون كان بها مس من جان و ... و ... ، كلهم توجهوا زرافات زرافات إلى
أهلها ليواسوهم فهي بنت و أخت الجميع ، مثل في الطيبة و الإخلاص يضرب في
الحي ...

- ساروا كلهم و
بصمت رهيب و في موكب جنائزي إلى المقبرة ... المثوى الأخير ... و علامات
الغموض تعلو محياهم ، ماذا حدث ؟ ، ما هي حقيقة الأمر ؟ ... لا أحد يعرف
... تركوها هناك وحيدة تحت التراب و تفرقوا من حولها جارين أنفسهم إلى
منازلهم ماسكين دموعهم ، مانعيها من توديع زهرتهم ...

- ... و فجأة تهب
ريح باردة ترمي ببعض الأوراق على القبر الجديد و أنفاس شخص غريب إستوى
جالسا حول القبر جاثيا على قدميه و علامات الأسى و الحزن باديان على وجهه
الشاحب و بصوت محشرج بدأ يردد : « أنا السبب ... أنا السبب » ، و
إرتمى على القبر باكيا و كأنه يريد إخراجها منه و ضمها إليه ، طالبا منها
السماح ، نعم لقد كان فارس أحلامها ، أحبته حتى الجنون ، منحته كل شئ وهبت
له مستقبلها و لكنه فتى طائش لم يقدر قيمة أحاسيسها ، كان يلهو فقط ، لا
يعرف ماذا يفعل سوى ملأ فراغه و ساعات أيامه .. و في لحظة طائشة صدها و
إرتمى في حضن أخرى ، طلب منها الرحيل و للأبد من حياته ... لم تتحمل
المسكينة و قع الصدمة ، تحطمت أمام عينيها كل آمالها ، طعنها فارس أحلامها
بخنجر مسموم ، أهان كرامتها ، داس على قلبها ، جرت إلى بيتها و الدموع
تمزق مقلتيها ... و في تلك الليلة الظلماء ، غاب عنها التفكير السليم و
راودتها الشياطين ، أحبت أن تطفئ النيران المتأججة في قلبها ، خرجت من
بيتها و ركضت و سط الطرقات حافية القدمين دامية القلب ، و من أعلى الجسر
إستقبلت ملاك الموت حبيبها الأزلي ، وهوت من أعلى كما هوت أمانيها و تحطمت
على الصخور كتكسر الأمواج على الخلجان ... نعم هو السبب .. ذلك الواقف على
رأسها الباكي عليها ، المتأسف على سخافاته .. نعم لقد وعدها بأنه لن
يفارقها و سيلازمها مدى الحياة ... لم يوف بوعده ... لقد خانها
... تذكر كل ذلك في تلك اللحظات السوداء ... فجأة تظهر عليه إبتسامة
بالكاد صنعها على شفتيه الذابلتين ... و صرخ و سط الأموات : « سأوف بوعدي
... » ، و جرى إلى الجسر المشؤوم و من نفس المكان سار على نفس خطاها و
كأنه يريد أن يقاسمها كل ما عانته بسببه ... و سارع الناس غير مصدقين
ناحية جثة ثانية هامدة وسط الصخور تحيروا من إبتسامة عليها ... إبتسامة
الأموات ، و كأنه فرح بعناقه للموت ، ماسكا بيده بورقة مكتوبة بدمه طالبا
منهم الجمع مابين القلبن في عالم الأموات بعدما فرقت بينهما سخرية الأيام
...

- هناك و بين
الأموات ... تحاذى قبران علتهما الأزهار و أحيطا بسياج كتب عليه ضريح
العشاق .. و أصبح مزارا لكل محب ... طالبين لهما الرحمة و المغفرة ، آخذين
العبر من حكايتهم .. هل صحيح أن الموت يفرق ؟ ...

» ""خيوط الألم""
» الوخز بالأبر، الحقيقية أو المزيفة، يخفف الألم