امراض تليف الصدر
ليس هناك أخطر من الأورام في أمراض الصدر من تليف الرئتين, تلك المشكلة الآخذة في التزايد في مصر والعالم, لكن الأخطر من ذلك أننا علي عكس كل دول العالم.
بدلا من أن يكون معدل أعمار المصابين بين سن الـ50ـ70 يظهر المرض لدينا في سن صغيرة حتي بين20 ـ30 عاما, وإذا كانت غالبية الإصابات عالميا بين الرجال, إلا أنها في مصر بين السيدات, وأسباب ذلك مازالت لغزا لدي اطباء الصدر في مصر..
وهذه المشكلة نظرا لخطورتها نالت القضية الأهم علي جدول أعمال المؤتمر السنوي التاسع للجمعية المصرية للربو والسدة الرئوية, والخطير في الأمر أن تليف الرئتين, طبقا لما يقوله الدكتور نبيل الدبركي أستاذ الأمراض الصدرية والحساسية ورئيس المعهد القومي للحساسية ورئيس الجمعية والمؤتمر, قد لايشعر المريض ببداياته وبالتالي يتجه إلي إخصائي الصدر بعد أن تكون قد استفحلت حالته وتليف جزء كبير من رئته, وتتداعي توابع المشكلة بفقدان جزء من وظائف الرئة في تبادل الغازات وحدوث نقص في الأوكسجين بالدم يزداد طرديا مع مساحة التليف, من هنا يشدد علي الاكتشاف المبكر لتلك الحالات وعدم الاستهتار بالأعراض الأولية من أي كحة لاسيما الجافة خاصة لدي المدخن, واستمرار النهجان عند بذل أي مجهود, مبديا أسفه لأن بعض الحالات قد تشخص خطأ وتعالج علي أنها حساسية.
وتليفات الرئة قد تكون غير معروفة السبب, وتلك هي المشكلة برأي الدكتور الدبركي, وقد تكون نتيجة أمراض معينة كالتعرض للسيلكا والاسبستس وتراب الفحم أو نتيجة بعض الأمراض الروماتيزمية كالروماتويد والذئبة الحمراء والاسكيليروزس, وفي بعض الأمراض الميكروبية كالدرن والالتهابات الفطرية للرئة, وقد تحدث نتيجة الاحتقان والارتشاح المزمن للرئتين, خاصة في مرضي القلب الذين يعانون من فشل وهبوط في عضلة القلب اليسري.
وتليفات الرئة في حالاتها الشديدة تعد مرضا معوقا إذا ترك وتم تشخيصه متأخرا, حيث يعاني المريض من نقص مزمن في أكسجين الدم, ومن نهجان شديد وزرقة في الشفاه والأطراف مع عدم القدرة علي التركيز والتحكم في الأمور مع صداع وزغللة وفقدان للشهية وهزال وضعف عام, كما يحدث ارتفاع في ضغط الدم بالشريان الرئوي, وكذلك هبوط في البطين الأيمن مما يؤدي لاحتقان في المعدة والكبد وتورم بالقدمين في الحالات الشديدة ويحدث ارتفاع في نسبة ثاني أكسيد الكربون وازدياد حموضة الدم, ويمكن استخدام بعض الأدوية مثل الكورتيزون واسيتيل سيستاين حتي يمكن مقاومة عملية التليف, لأنه إذا حدث تليف حقيقي فإن دور الأدوية في هذه الحالة يكون محل شك.
لذا يعد تليف الرئة, برأي الدكتور يسري عقل أستاذ أمراض الصدر بطب القاهرة, أخطر من أورام الرئة, لأن نسبة الوفاة فيه أعلي وأسرع ودائما مايحتسب متوسط الفترة الزمنية لعمر المصاب بـ27 شهرا, لذا يعد هذا المرض من أعنف أمراض الصدر, وبعد أن كان مرضا نادرا حتي أوائل التسعينات أصبحنا نراه بشكل يومي, ومعظم الحالات تكون بين المدخنين.
وتليف الرئة ينقسم إلي مجموعتين, الأول وهو الأخطر ويحدث بدون سبب, ولأنه يكون تليفا واضحا, ولاتوجد أدوية حتي اليوم لوقفه, وهنا نقطة جدل كبيرة بين الأطباء, حول إعطاء المريض علاجا أم لا, بعض الآراء تؤيد العلاج بالكورتيزون وأدوية مثبطة للمناعة لمدة6 أشهر, ولو حدث استقرار للحالة يتم مضاعفة العلاج, كل ذلك من منطلق إيمانهم بجدوي العلاج, لكن هناك آراء تري عدم جدوي العلاج لأنها تؤمن تماما بأنه تليف لاعلاج له, لذا يري الفريق الأخير حماية للمريض من مضاعفات هذه الأدوية المثبطة للمناعة, وللأسف هذا النوع من التليف هو الأكثر حدوثا ويشكل80% من الحالات. أما تليف الرئة الثانوي فهو الذي يحدث مع مرض الذئبة الحمراء والروماتويد, ويبدأ في صورة التهابات تنتهي بتليف, هذا المريض يستفيد من العلاجات لوجود أدوية قوية للتعامل مع الالتهابات خاصة الكورتيزون, لذا علي مرضي الروماتويد والذئبة حتي إن لم يكونوا يشكون من مشكلة في الصدرعمل أشعة علي الرئة كل عام..وللتأكد من أن هذا التليف من النوع الأولي, فعلي الطبيب استبعاد كل الأسباب الثانوية كالذئبة الحمراء والروماتويد أو تناول أدوية الضغط أو ضبط دقات القلب لفترات طويلة, كما أن صورة الأشعة المقطعية تكون مميزة جدا في هذا النوع, وهناك نقطة أخري للخلاف بين الأطباء, مفادها أن هذا المريض إن جاء بفشل تنفسي هل يدخل العناية المركزة ويوضع علي جهاز التنفس الصناعي أم لا, الرأي الحاسم أنه إن لم تكن هناك إمكانية لزرع رئة له, فلا مبرر لإرهاقه وأهله بهدر أموال لاطائل من ورائها, إضافة إلي منع فرصة مريض آخر يمكن إنقاذه بأجهزة التنفس الصناعي.
وعن انتكاسة السدة الشعبية المزمنة, يوضح الدكتور محمد صدقي أستاذ الصدر والحساسية بطب الأزهر أنها عبارة عن التهاب شعبي مزمن مع انتفاخ في الرئة والسبب الرئيسي لها التدخين وتلوث البيئة, مشيرا لنوع جديد من الكورتيزون يعطي بطريق الرذاذ أو الاستنشاق بدلا من الحقن أو الفم, أعطي نتائج طيبة مثل الكورتيزون بالحقن مع أعراض جانبية أقل, ويمكن إعطاؤه في حالات حساسية الأطفال وكبار السن, لكنه يشدد أخيرا علي أن أهم علاج للسدة الشعبية المزمنة هو التوقف عن التدخين نهائيا, فهو أول سبب وأول علاج.