السلام عليكم اليوم جئتكم بالقصة التي أخذت مني و قتا طويلا في الكتابة بأجزائها الثلاث و هي قصة قصيرة طويلة جدا
.......................................................................................
أحمد هو شاب عادي عادي جدا حتى أننا لا نستطيع أن نلمح في وجهه أي دلالات على حزن أو فرح أو أية مشاعر أصدقائه أو زملائه ان صح القول يطلقون عليه لقب "المتحجر" من النادر جدا أن ترى أحمد يضحك بل ان ذلك من سابع المستحيلات كما أنه من غير المعقول ان لا تراه ساكنا صامتا غارقا في التفكير ..يحمل رأسه بين يديه و كأن عليه كل هموم الدنيا .
صحيح أن هموم الدنيا و مشاغلها تحد من بهجتنا و حركتنا و عواطفنا غير أننا لا نسمح للكآبة أن تطيح بنا خذ مثلا على ذلك زميلنا عمر صحيح أنه من يعمل ليعيل عائلته الكبيرة بعد أن توفي والده رحمه الله غيرأن ذلك لا يمنعه من الضحك و التفائل و ما أكثر ما تراه يلقي بتعليقاته الصلخرة أثناء الدرس و يساعد المجموعة اذا كان هنالك تطوع من أي شكل من الأشكال حاله حال معظم زملائنا لذا منحن كالعائلة الواحدة باستثناء أحمد.
صحيح أن أحمد لم ينضم الى قسمنا هذا الا من أسابيع قليلة غير أن وحدة الغريبة و محاولاته للابتعاد عن المجموعة غير أن هذا ليس بالمبرر لتصرفاته فعماد جديد هو أضا غير أن علاقاتنا جد جيدة معه ..المهم بعد ما رأيت حال أحمد و بصفتي أنا رئيس المجموعة في القسم قررت أن أذهب أتحدث اليه و أفهم سر انعزاله اللامبرر عنا و في نفسي اشفاق عليه و فضول لسماع قصته ان كان لديه قصة.
كان يومها الخميس و كان آخر يوم و تبدأ العطلة الربيعية لذا رأيت أنها فرصة مناسبة للتحدث اليه ..فان بدر منه أي تصرف او حديث غير لائق فاني لن أحقد عليه هدا لأننا لن نرى بعضنا لأسبوعين كاملين فأكون قد نسيت ذلك, وجدت أحمد حينها يقوم بارجاع كتبه الى الخزانة تحسبا لقضاء عطلته بدون كتب ؟ يبدو أنه كان يفكر مثلنا جميعا فنحن لا نصدق متى تأتي العطلة لنعيد كل الكتب المدرسية لأننا ل نريد أن نراها معنا في البيت, المهم ناديته باسمه متظاهرا بأنني أراه صدفة و ألقيت عليه التحية ....
|| السلام عليكم كيف الحال أحمد
و كالعادة ير السلام فقط
| سلام (حتى أنه لم يقل و عليكم السلام)
|| أحمد أردت أن أتحدث اليك و رجاءا لا تقلي أنك مشغول لأنها العطلة
| حسنا (حسنا يبدو أن أحمد يكون مزاجه جيدا في أواخر الأيام الدراسية
لعلنا نجعل كل أيام السنة عطلة لتكون سعيدا )
|| لقد لاحظت و لست الوحيد أنك انطوائي بدرجة كبيرة و حزين دائما (رغم أنني لم أعرف كيف حالك عندما تكون سعيدا لأعرف حالك و أنت حزين)
| معك حق أخي و لكني عندي قصة يطول سردها قلبت حالي رأسا على عقب و جعلتني أمشي في هذه الدنيا و أنا غائب عنها كأني ميت أو شبه ميت فان كان لديك الوقت سأرويها لك..
لم أتفاجئ كثيرا مما قاله و قلت...
|| اسمع يا صديقي ان الوقت هو الشيء الوحيد الذي يملكه شباب هذا الوقت فلنأخذ جانبا و لنجلس ....كلي آذان صاغية
أن تسمع أحدا و تجعله يفضفض لك هو لأمر جميل تحس من خلاله فضل الله عليك و نعمه و تشكره عز و جل
قصة أحمد سيرويها لنا بنفسه انشاء الله في المرة القادمة فكونوا في الموعد
........................................................................................................................
لما جلست مع أحمد حاولت بقدر الإمكان أن أكون مصغيا له و إذا به يبدأ كلامه بتنهيدة طويلة و حزينة تخفي وراءها جبالا من اﻷحزان واﻵلام يخفيها هذا المسكين في قلبه الجريح
اسمعني يا صديقي أنا لم أكن هكذا من قبل كنت إنسانا بشوشا متفائلا اجتماعيا أعيش مع عائلتي المكونة من ثلاثة أخوات و أنا و والدي ، كانت أحوالنا المادية مقبولة نوعا ما فأبي كان عاملا بسيطا بأحد المصانع التابعة للدولة والتي يفقد فيها النظام والانضباط و يكثر فيها التسيب و اللامبالاة كما كان يخبرني والدي رحمه الله،و في يوم مشرق لم أره إلا ظلاما جاءنا الخبر الذي قلب حياتنا رأسا على عقب جاء إداري من المصنع ليقول لنا و بكل بساطة لقد توفي والدك خلال محاولته إصلاح الماكينة الفلانية .
توفي والدي ماذا يقول هذا اﻷحمق لا يمكن لهذا أن يحصل لا لا أخذت أتكلم كلاما غير مفهوما وأنا تحت الصدمة و لا زلت كذلك مدة أسبوع أمي التي كانت تخفف عني هول المصيبة و تدعوني للاستعانة بالله كانت حالتها أكثر من حالتي و لكنها حاولت قدر الإمكان أن تبدو قوية أمامنا فهي فقدت الزوج واﻷب و اﻷخ و الحبيب اﻵن و قد أصبحت وحيدة بدون معيل أرادت أن تتولى الصرف على المنزل علما أنه من بعد وفاة أبي لم يبقى لنا أي مصدر للدخل أرادت أن تعمل أي عمل حتى و لو اشتعلت في البيوت خادمة كان ردي قاطعا على هذا فقد رفضت رفضت بشدة هذا اﻷمر و قررت أن أشتعل عوض أمي و أن أعيل عائلتي المكونة من ثلاثة فتيات و أمهم قررت أن أتحمل المسؤولية و أنا صاحب الخمسة عشر عاما و منذ ذلك الوقت و أنا أتخبط في حياة العمل الشاقة أدرس طوال اليوم و عشية أذهب للعمل و أي عمل مرة ميكانيكي في إحدى الو رشات و مرة بائع في متجر حلويات ,, المهم كانت حياتنا تتغير من سيء لأسوء و مع مرور السنين فقدت القدرة على توفير متطلبات المنزل و أخواتي و عندما بلغت سن العشرين و كنت قد دخلت الجامعة التقيت بفتاة كانت زميلة لي و كانت تساعدني في نقل الدروس علما أنني كنت كثير التغيب بسبب العمل كانت فتاة جميلة و طيبة الحقيقة أنني لم ألحظ جمالها في بادئ اﻷمر ﻷنني كنت كثير التفكير في مشاكلي و لكن طيبتها لاحظتها من أول لحظة طلبت مساعدتها فيها كانت تشفق علي في بادئ اﻷمر أنا كنت أكره أن يشفق أحد علي و لكن لأبأس ما بيد حيلة و في إحدى المرات و بعد ما شرحت لي أحد الدروس و كان قد تأخر الوقت في الجامعة لشكرتها و ودعتها و رفضت أن أوصلها في طريقي مخافة أن يقال عنها أي شيء أو يساء الظن بها و لكنني تتبعتها من بعيد خشيت أن يحصل لها مكروه كنت أخاف عليها و كيف لا و هي من يقف إلى جواري و يساعدني في حين تخلى عني من كنت أسميهم أصدقائي وفي إحدى المسالك الضيقة و إذا بإحدى الشبان التافهين الذين لهم مسكن خاص عند حائط كل شارع يعسكرون به و ينتظرون الفرائس الضالة من الفتيات للانقضاض عليهم بكل أنواع المعاكسات و الوقاحة و قلة التربية و ﻷني كنت ورائها تماما فاض غضبي و سخطي و أنا الإنسان الغيور جدا و أنا أرى هذه الفتاة و التي أكن لها معزة خاصة في قلبي ليس حبا لا ﻷنني لم يكن يسمح لي بذلك فالفقراء ليست لهم مشاعر و لا يشعرون كما يشعر الناس بل يبدو أنه ليس لهم قلب ينبض بالحياة و ﻷنني كنت منهم كان لدي قلب ميت هجمت به على هذا الوغد فقذفت الرعب في قلبه و لقد كنت جد مسالم معه فقط ناديته و قلت له انتظر قليلا و هو يتتبع الفتاة و يضايقها و بكل أدب توقف للتحدث معي ما أحسن أخلاق هذا الفتى و بكل لطف أنا أيضا رفعت يدي التي اكتسبت شيئا من الخشونة و وجهت له صفعه خاطفة أطاحت به أرضا و ﻷنه شاب جبان كغيره فر هاربا بعدها اطمأننت على الفتاة التي كانت في غاية الخوف كانت خائفة لأنها كانت فتاة مؤدبة لا ترضى بهذه اﻷمور و كنت أعرف ذلك من أول لحظة رأيتها فيها قامت بشكري شكرتني كثيرا و كأنها لا تعلم بأنني أشتاق الى فرصة كهذه من أجل العراك و تفريغ ما بصدري من آلام و هموم قمت بإيصالها إلى منزلها و لقد أبت إلا أنت تعرفني على والدها و تخبره بما حدث و كما يقولون الولد سر أبيه فان البنت أيضا سر أبيها فقد كان رغم ثقل منصبه رجلا متواضعا ألح علي بالدخول لاحتساء الشاي و ﻷنني كنت خجولا رفضت الدعوة زاعما أن لدي مشاغل كثيرة و مضيت مسرعا الى البيت و أنا أحس بشعور غريب ربما هو شعور السعادة و لكنه للأسف لم يكن كذلك كانت نظرات الفتاة لي بعد الحادث هي السبب نظراتها كانت تغيرت و ربما مشاعرها كذلك المهم لم أعط للأمر أهمية كبيرة ﻷنه طبعا لا يمكن لفتاة بمثل جمالها و مكانتها أن تتعلق بأحمق فقير مثلي ومع مرور الوقت كان توقعي في محله و بدأت الفتاة التي لم أكن أعرف حتى اسمها بل فقط اسم عائلتها تخبرني بأشياء شخصية عنها و ترمقني بنظرات دافئة خجولة حاولت أن أقاوم هذا الشعور و لكنني لم أستطع و بدأت قلوبنا تتلاقى و تجتمع و تطورت اﻷمور و أصبحت علاقتي جيدة بأبيها الذي بدأ يرى فيّ الابن الذي لا يملكه وقد قدم لي منصب شغل لا يحلم به أي أحد و ظننت أن الفرج قد أتى من عند الله و أن أيام الشقاء قد ولت و ﻷنني كنت أحترم والد سامية و هذا اسمها فقد قمت بخطوة جريئة و من دون حتى إخبارها هذا ﻷننا كنا نحب بعضنا حبنا صمتا و أبدا لم نبح بذلك و لكن نظراتنا كانت تخوننا و خوف سامية علي و سؤالها الكثير عني كان يفضحني أما أنا فقد كنت أكتم بين طيات قلبا حبا عظيما لها كيف لا و هو أول حب لشخص لا تجد إلا ان تحبه المهم كانت خطوتي بأنني طلبت يدها من والدها في خطوة أشبه ما تكون بالانتحارية بالنسبة لي و لاكن كانت ضرورية ﻷن هذا الحب كان محرما و ديننا الكريم لا يسمح بذلك و أنا لم أكن يوما صاحب شهوة أو من من يرضون أنفسهم في الدنيا و هم في اﻵخرة ظالمون لها اﻷب طلب مني الجلوس و أخبرني أنه يرى في الشاب المكافح و الرجل الشجاع و انه لا يرى مانع من الموافقة و لكن يجب استشارة ابنته فهذا اﻷمر يخصها هي في المرتبة اﻷولى فكانت سعادتي لا توصف بهذه الإجابة و غدا قابلتني سامية بابتسامة مشرقة لن أنساها أبدا فقمت بالتظاهر بأنني لا أعلم شيئا و أخبرتني بأن أباها يقول لك بأن تحضر عائلتك للتعرف عليهم واصلت التمثيل متظاهرا بالدهشة و قمت بسؤالها عن السبب فقالت لي برقة كلمات لا تزال محفورة في ذاكرتي /ألا تعلم يا أحمد أن هنالك قلبان يهيمان في الحب و نحن نريد أن يكون هذا الحب متوجا برباط الحلال و الرضا من الله ,,,في تلك اللحظة احمرت خدودي من الخجل تماما كالفتيات أو أكثر و لم أستطع النظر في عينها و هرولت مسرعا إلى مكاني و أنا أقول حسنا حسنا .
و تم إجراء الخطبة وسار كل شيء على أكمل وجه .. و لكن ......
عذرا يا صديقي لمقاطعتك و لكنني لم أتخيل أن قصتك طويل لهذا الحد لذا اسمح لي بأن أدعوك لشرب الشاي في منزلي المتواضع لنكمل حديثنا .
....................................................
حسنا أخي أحمد ها نحن بالمنزل و الشاي بين يدينا فأكمل لي قصتك ...كما قلت لك جرت مراسيم الخطوبة على أكمل وجه و بدأت في التحضير ليوم الزفاف ، أنا و سامية كنا قد اتفقنا على كل شيئا كانت توافقني على كل شيء لم تكن متطلبة كثيرا كانت ترضى بكل ما هو قليل و متواضع رغم أنها كانت غنية .
و لما بقي أسبوع للزفاف حدث ما لم يكن في الحسبان فقد قررت أم العروس و فجأت و بصورة غريبة أن تعارض على الزواج و تهدد ابنتها بأنها ستغضب منها اذا تزوجتني و السبب هو أنني لن أستطيع أن أعيشها في نفس المستوى الذي كانت تعيش فيه و لكن بعدها عرفت السبب فقد جاءت عندي بنفسها لكي تخبرني به قالت بأن ابن عمها الغني قد عاد من أوربا و يريد ابنتها لأنه متعلق جدا بها ، طلبت مني و توسلت الي أن أدع ابنتها تعيش حياة غنية و أخبرتني بأن المشاعر لا توفر رغيف الخبز قالت ذلك كأم تحاول أن تضمن الأفضل لابنتها الوحيدة في الحقيقة لقد أشفقت عليها لا بل أشفقت على نفسي فقد علمت بأنه لم يكتب لي الا الشقاء في هذه الدنيا .
و لأنني كنت أحب سامية حبا لا يوصف قررت بأن تركها سيكون في مصلحتها لذا و بدون سابق انذار أخبرت أمي أن تلغي مراسم الزفاف بحجة أني لم أعد أريدها و قمت باستأجار شقة هنا في مدينتكم هذه ... قمت بالهرب لم أستطع حتى اخبارها لم أخبر حتى أمي بالاهانة التي تعرضت لها و أمها تعرض علي المال لأدع ابنتها يا للفقر ما أشده .
و ها أنا اليوم معكم في هذه الجامعة و لكنني بدون روح و لا جسد فكل شيء قد تركته في مدينتي كل شيء..
و لكن يا أحمد ألم تحاول السؤال على حال سامية على الأقل لتعرف ما حصل لها ؟
لا لم أفعل لأنني كنت جبانا و لا أزال .
و هذه يا صديقي قصتي و سبب تعاستي قد رويتها لك من البداية الى النهاية ..
ابتسمت في و جه أحمد و أنا أقول كان الله في عونك و فك كربتك و في نفسي أخفي نوايا أخري أخفي أنني عازم على مساعدته بكل ما أوتيت من قوةو الله الموفق....في الغد قمت من فراشي و في رأسي فكرة واحدة هي مساعدة أحمد لذا توجهت الى مدينته القديمة و سألت عن خطيبته فقيل لي أنها و من بعد ما حصل لها أصيبت بالمرض و هي الآن في منزلها لا تخرج منه أبدا ..كان متوقعا من فتاة مخلصة مثلها أن يحصل معها ما حصل طلبت أن أراها بحجة أنني زميل لها من الجامعة و سردت لها كيف ضحى أحمد من أجلها ثم قمت بخطوة أجرأ فقد رويت القصة لأمها و أخبرتا بأن أحــمد يعيش حالة مماثلة لحالة ابنتها لذا فقد ترجتني أن تدعوه الي البيت لإصلاح ما فسد ...غادرت مسرعا و أنا أحمد الله لتوفيقه لي و ذهبت الى أحمد لأخبره بالأخبار المفرحة و أجبرته ألا ينتظر دقيقة واحدة بل في الحين ذهبنا و خطبنا الفتاة و قد طلبت من أبي المجيء معنا فرحب كثيرا...
و أخيرا سار كل شيء جيدا و توفق أحمد مع زوجته لأنه انسنن يخاف الله و يتقيه و بعد ثلاثة سنوات أنا لا أزال عازبا أما أحمد فلديه ولد و يعيش حياة سعيدة و لديه أيضا عمل جيد.