دخل غرفته وأوصد بابها بإحكام , بكى .. زاد بكاؤه ..تتابعت دموعه بغزارة .. صار لبكائه نشيجا يدوى فى أرجاء الغرفة وفي أعماق نفسه , استعرض شريط أيامه .. وجده سواداً وضنكاً .. ضاقت عليه الأرض بما رحبت .. آلمه حاله فزاد بكاؤه .. أمسك رأسه بكلتا يديه .. جال بخاطره صديق عمره .. تلاشت صورته سريعاً .. استقرت صورة حبيبته أمام عينيه حتى استحوذت على كيانه .. همّ أن ينهض ليستنجد بها ..لم يثق فى قدرتها على نجدته .. زاد نحيبه .. صرخ في أعماق نفسه ماذا أفعل .. رفع رأسه يبحث عن قشة يتعلق بها .. وقعت عيناه على سجادة قد هجرها منذ أمد .. أحس بشيء يتحرك بداخله .. نهض ليتوضأ .. شعر بخطاه ثقيلة مكبلة بخجله من ربه .. وقعت عيناه على رف صغير يعرفه جيداً .. ذهب إليه وتناول مصحفه .. تحسسه برفق وأزال ما تراكم عليه من حزن .. قبله وضمه لصدره .. صلى .. قرأ .. دعا .. تاب .. انشرح صدره .. انطلقت روحه فى الفضاء الرحب .. تبدلت أحواله .. انقلب سواد أيامه إلى ضياء ..
وبعد أيام لم يعد يدخل غرفته إلا قليلا ولملم سجادته .. وبلا رفق وضع مصحفه على الرف الصغير .. رفع رأسه وخرج من غرفته وأغلق بابها بإحكام ..
وعاد لأرضه الضيقة ..