مغاربة يجازفون بصحتهم من أجل الالتزام بالصوم خلال رمضان

تتحسر فئة كبيرة من أصحاب الأمراض المزمنة، خاصة الذين يعانون من داء السكري، على عدم تمكنهم من صيام شهر رمضان، غير أن نسبة مهمة منهم تصر على أداء هذه الفريضة،رغم المضاعفات الصحية الخطيرة التي يمكن أن تهددهم.

سمحمد الربادي، متقاعد، يعاني من مرض السكري والقلب، إلا أنه أصر على عدم التوجه للطبيب من أجل مراجعته بهدف صيام هذا الشهر، رغم علمه بالمضاعفات التي يمكن أن يتعرض لها.

وأوضح سمحمد الربادي “في السنة الماضية حرمني الطبيب من صيام هذا الشهر المبارك، لكنني هذه السنة قررت مقاطعة العيادة، حتى أصوم متحملا مسؤوليتي في ما يمكن أن يقع من مضاعفات”.

وذكر سمحمد الربادي “واجهت صعوبات كبيرة في أيام الصيام الأولى، نتيجة ارتفاع الحرارة، لكنني تعودت، وأتخذ الاحتياطات الضرورية وأتناول الأدوية في الليل”.

حكاية فاطمة السمداري، ربة منزل، لا تختلف كثيرا عن قصة سمحمد، فهذه المرأة التي تجاوزت عقدها السابع، ترى بأن “حالتها مستقرة، ولا تجد أي مشاكل في الصيام، إلا أنها تحس بتعب دائم، وضيق في التنفس في مرات متفرقة”.

وتعاني فاطمة من مرض القلب، والكوليسترول، إلى جانب خلل في وظيفة الغدة الدرقية، وهي رفضت الاستجابة إلى طلبات أبنائها من أجل عيادة الطبيب قبل الصيام، وقالت ماذا سيقول لي الطبيب؟ سيؤكد على ضرورة عدم صيامي لأن صحتي لا تستحمل، لكنني لا أريد أن أحرم نفسي من صيام هذا الشهر المبارك، رغم ما قد يكلفني ذلك من مضاعفات صحية”.

وفي هذا الإطار، قالت الدكتورة عهد عاشور، طبيبة أخصائية في هرمونات التغذية والسكري والحمية، إن “من يعانون من أمراض مزمنة، خاصة السكري، والقلب، والقصور الكلوي، والضيقة، وأمراض الجهاز الهضمي، لا يجب أن يصوموا”، مشيرة إلى أن “جميع هذه الأمراض يمكن أن تتفاقم في شهر الصيام”.

وشددت الدكتورة عهد عاشور، في تصريح على ضرورة “مراجعة الطبيب قبل أسبوع من دخول شهر رمضان، خاصة من يعانون من مرض السكري، الذي قد يتسبب لهم الصيام في إصابتهم بجلطة دماغية أو مضاعفات أخرى خطيرة قد تؤدي بصاحبها إلى دخول المستشفى للخضوع إلى علاج مكثف بعد سقوطه في غيبوبة”.

وأشارت الطبيبة الأخصائية في هرمونات التغذية والسكري والحمية إلى أن “الخوف ليس من الموت، لأنه يكون رحمة من الله، بل من العقوبة أو المضاعفات الخطيرة، التي يمكن أن تسبب للمريض في عاهات”.

وتتمثل الأخطار التي قد تتهدد حياة المصابين بداء السكري جراء الصيام، في تسببه في مجموعة من الأمراض المستعصية على العلاج، من قبيل ارتفاع الضغط الدموي، والإصابة بأمراض القلب والشرايين، والقصور الكلوي، واعتلال شبكية العين، فضلا عن منح السكري فرصة مواتية للتفاقم والاستفحال على حساب صحة المصاب، ما يتعارض مع مقاصد الدين الإسلامي التي تدعو إلى الحفاظ على الصحة وتجنب التهلكة المحرمة شرعا.

وتتزايد مخاطر داء السكري على صحة المصاب، عندما لا يمتثل لحمية ملائمة تتيح له المحافظة على نسبة سكر مستقرة في الدم، ومن ثم فإن مجازفته بالصوم دون استشارة ذوي الاختصاص، قد يعرض حياته لأخطار تتفاوت حسب نوعية كل حالة.

وعلى الرغم من تشديد الدين الإسلامي على حظر صيام الأشخاص المصابين بداء السكري إلا أن البعض منهم يجازف بالصيام امتثالا لرغبته في أداء هذه الفريضة، وعملا منه على تجنب ظنون وملاحظات محيطه الاجتماعي، انطلاقا من اعتقاده أن إفطاره المشروع في رمضان يؤثر سلبا على سمعته وينتقص من مكانته.

المصدر موقع جولازو.