الاكتشافات الجغرافية الكبرى
العوامل التي ساعدت على الاكتشافات الجغرافية:
التزايد الديمغرافي والنمو الاقتصادي بأوربا: بين القرنين 10 و14 توقفت الغارات النورماندية على أوربا كما تم الاحتكاك مع العالم الإسلامي أثناء الحروب الصليبية وتطورت طرق الزراعة وعمرت البوادي وانتشرت المدن مما أدى إلى تزايد الطلب على المواد الآسيوية ( التوابل- الحرير- الذهب...) التي كانت محتكرة من طرف التجار البندقية و"جنوة" خاصة بعد ارتفاع أسعارها نتيجة لسيطرة الممالك العثمانية على الشرق الإسلامي بعد سقوط الدولة العباسية. فزادت رغبة الأوربيين في الحصول عليها مباشرة ودون وساطة. بعد تضاعف الرواج التجاري في أوربا ( 10 مرات بين ق14- 10) وبعد عجز المغرب عن تلبية حاجيات أوربا من الذهب وبعد استنزاف مناجم الفضة في أوربا الشرقية، حدث تضخم مالي سبب أزمة اقتصادية وإج مست مصالح التجار والنبلاء ورجال الدين والكنيسة والدولة، مما أدى إلى ضرورة البحث عن مصادر للمعادن النفيسة خاصة الذهب.
العامل الديني: اعتبرت الكنيسة المسيحية أن من واجبها تشجيع الاكتشافات كاستمرار لحرب الاسترداد ضد المسلمين في شبه الجزيرة الإيبيرية وهو عمل مقدس لنشر المسيحية...
تقدم المعارف الجغرافية وتقنيات الملاحة: تعرف المسيحيون على جغرافية القدامى عن طريق العرب كما اطلعوا على مذكرات المبشرين والرحالة أمثال ابن بطوطة و"ماركوبولو" الذي نشر كتاب سماه "عجائب الدنيا" مما أدى إلى إذكاء روح المغامرة عندهم.و إلى غاية ق. 13 كانت الملاحة تقتصر على المساحلة واقتصرت على الخطوط التجارية على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي ثم صنعت سفن جديدة (كارافيلا) طويلة متوازنة متعددة الأشرعة و سريعة ( 10km/h) وتم استعمال البوصلة و الأسطرلاب لتحديد موقع السفينة بالنسبة لخطوط الطول و العرض كما أن وضع الخرائط البحرية لعبت دورا في تشجيع الملاحة.
1. البحث عن طريق نحو الهند،ق فوصلوا إلى أمريكا:
البرتغال: : اهتم البرتغاليون في البداية بالبحث عن مصادر الذهب و الرقيق في إفريقيا فاحتلوا عدة موانئ على الشواطئ الإفريقية أولها ميناء سبتة سنة 1441 ثم وصلوا إلى " بوجد ور"(واد الذهب) سنة 1433، وفي سنة 1445 وصلوا إلى الرأس الأخضر ثم إلى مالتوابل،كونغو سنة 1482 وفي سنة 1483 وصل "بارطولومي دياز" إلى الحد الجنوبي للقارة الإفريقية فسماه" رأس الرجاء الصالح", وفي 1497 انطلقت رحلة " فاسكو ديجاما" من لشبونة ليصل بعد عام إلى ميناء"كاليكوت" بالهند و ذلك بمساعدة بعض الملاحين والتجار العرب-- في 1500م جهز ملك البرتغال أسطولا لتنظيم احتكار التجارة على طريق جديدة بقيادة «الفارس كابرال" لكن العواصف رمت به نحو الغرب فاكتشف شواطئ البرازيل التي أصبحت ملكا للبرتغال.
الإسبان: : ساعدت الوحدة بين مملكتي " قشتالة و"أركون" على تخفيف النزاعات الداخلية و تعزيز القوة العسكرية الإسبانية و منافسة البرتغال في الميدان البحري وضع " كريستوف كولومب "مشروعا للقيام برحلة عبر المحيط الأطلسي للوصول إلى الهند معتمدا على نظرية " توسكاليني" ( هو جغرافي إيطالي برهن على كروية الأرض و أثبت أن البحار التي تفصل أوربا عن آسيا قليلة و يمكن عبورها) فانطلقت الرحلة الأولى سنة 1492 بأمر من الملك و بدعم مالي من التجار الاسبان و الإيطاليين في إشبيليا فوصلت الرحلة إلى جزر " الأنتي" التي أطلق عليها اسم " إسبانيولا" معتقدا أنه وصل إلى الهند، لكن بعد 3 رحلات متوالية لم يحصل على التوابل و المعادن الثمينة و مات وهو يعتقد أنه وصل إلى الهند-- بعد رحلتين ل"أمريكيو فيسبوتشي" تأكد على أن "كولومبس" اكتشف عالما جديدا فأطلق عليه اسم "أمريكا" ابتداء من سنة 1507 . في 1519 انطلق "فرناندوا مجلان" لتحقيق فكرة الوصول إلى الهند عن طريق الغرب و بمساعدة ملك إسبانيا انطلقت الرحلة ب5 سفن فعبر المحيط و نزل مع شواطئ أمريكا الجنوبية حتى عثر على مضيق أخرجه إلى المحيط الهاذي( مضيق مجلان) و تابع طريقه إلى أن وصل إلى الفلبين حيث قتل في مواجهة مع الأهالي لكن رفيقه دي الكانو" تابع الرحلة بسفينة واحدة إلى أن وصل إلى إسبانيا سنة 1522 فأثبت بالتجربة أن الأرض كروية الشكل. وأدت المنافسة على البحار بين البرتغال و إسبانيا إلى طلب تدخل" البابا" لتقسيم نفوذ الدولتين فانتهى ذلك بإبرام معاهدة " Tordisillas" التي أعطت البرازيل والقارة الإفريقية و الأسيوية للبرتغال و تركت لإسبانيا باقي القارة الأمريكية الشيء الذي لم تقبله الدول الأوربية الأخرى.
دول أوربا الشمالية:اكتشفت مناطق جديدة عند بحثها عن طريق للصين عبر الشمال فقام" جون كابو" باكتشاف القارة الأمريكية بينما تمكن الفرنسي "كارتيي" من اكتشاف الأراضي الكندية.
2. من أهم نتائج الاكتشافات الجغرافية الكبرى:
نشطت الحركة الاستعمارية وإبادة السكان في إفريقيا: اكتفى البرتغاليون بتأسيس مراكز تجارية لتأمين طرق التجارة مثل " GOA" و"مالكا" في جنوب شرق آسيا و"هرمز" في الخليج العربي, وحاربوا السفن العربية و منعوا الاتجار مع المسلمين ليحتكروا تجارة التوابل ، أما في البرازيل فقد اهتموا بجلب الخشب كما رحلوا العبيد من إفريقيا للعمل في زراعة قصب السكر و الفلاحة .-- ضمت الإمبراطورية الإسبانية باقي القارة الأمريكية اعتمدوا سياسة "الإبادة" ضد الأهالي و للحصول على الذهب وجهوا حملة بقيادة المغامر" فردناندو كورطيس" نحو المكسيك للاستيلاء على قبائل الأزطيك سنة 1519 ثم ضموا مناجم الفضة بالبيرو و الشيلي ما بين 1532-1536 (قبائل الأنكا) أما التسيير فكان يتم من مجلس الهند(إشبيليا) عن طريق نائبين في كل من"ليما" و " مكسيكو"، وانتقل إليها عدد كبير من الإسبان والزنوج لتعويض السكان الأصليين.
تحولت الطرق التجارية من البحر الأبيض المتوسط إلى م. الأطلسي: تزايدت أهمية المحيط الأطلسي( لشبونة، إشبيليا، أمستردام، أنفرس) على حساب البحر الأبيض المتوسط( بحر ركود تجاري) و قد تصدر ميناء، ممارس المرتبة 1.ع فهو ميناء تجاري و بورصة عالمية، كما تراجعت أهمية القوافل الصحراوية لصالح الملاحة البحرية الأطلسية و معه تراجع دور المغرب كوسيط تجار، مما أدى إلى تدفق الذهب بوفرة على البرتغال من إفريقيا و على الإسبان إضافة إلى الفضة من أمريكا (تضاعفت 12 مرة بين 1492 و 1560).
تطور الاقتصاد الأوربي و ظهور الرأسمالية التجارية (الميركانتيلية) تميز القرن 16 بظاهرة ارتفاع الأسعار بسبب وفرة المعادن النفيسة وتضرر النبلاء و الفلاحين مقابل تزايد ثروات التجار والصيارفة الذين شكلوا طبقات غنية و برزت فيهم أسر مثلا: " أسرة فوكر" أثرت على الحياة الاقتصادية السياسية، انعكس ذلك على ظهور أساليب جديدة للقرض و الأداء.- ضعف صناعة الإسبانييون البرتغاليون جعلهم سوى وسطاء في حين عملت الدول الأوربية الأخرى على تطوير صناعتها (فرنسا-إنجلترا-هولندا...).- كما ارتبط القرن 16 بالثلاثي.ر الفكر " الميركانتيلي " و هو يقوم على مبدأين: ارتباط الدولة بما تتوفر عليه من معادن نفيسة، توجيه الدولة للاقتصاد وذلك بالانفراد بتوجيه الإنتاج نحو الخارج، رفع الصادرات، الحد من الواردات (الحمائية)، تشجيع الصناعة المحلية لمواجهة المنافسة الخارجية عن طريق (دعم الأسعار، ضمان الجودة، ضمان تكلفة أقل)، البحث عن أسواق خارجية ( الاستثمار)، إقامة الشركات التجارية الكبرى التي سنت قوانين ملاحية من أجل حمايتها و قد برزت أهمية هذه الشركات في تجارة الرواج الثلاثي.