خسرت
كتيبة مقاتلي الصحراء المتجددة أول أمس، مباراتها الاستعراضية أمام منتخب
ايرلندا بنتيجة ثلاثة أهداف لصفر، وهي هزيمة بدت للبعض مزعجة ورأى السواد
الاعظم من النقاد أنها منطقية، بالنظر لكون المباراة تجريبية وهي الأولى
بالنسبة للعديد من الوجوه الوافدة لأول مرة على المنتخب.
وقد
يقول قائل مزعجة، لماذا طالما انها تحضيرية ؟ وفي هذا الصدد لابد من أخذ
الاعتبارات التالية، فهي الثانية على التوالي بمثل هذه الحصيلة، مما يعني
ان الدفاع مازال يعاني وهي الثانية أو الثالثة التي ظل فيها الهجوم صائما
عن التسجيل بعد مباراة مصر في نصف نهائي كأس افريقيا للامم بأنغولا
(4مقابل0) وبعد مباراة صربيا التي دخل فيها عرين حارسنا ثلاثة أهداف دون
رد، وهذا ما يجعل الكثير من الجزائريين يتساءلون عن استمرار هذا العقم
ويقولون أين العلاج؟ ولماذا فشل الطاقم الفني في إيجاد الوصفة الملائمة
لمعالجة هذا العقم الذي يعاني منه الخط الأمامي العاجز حتى الآن عن إعطاء
ضمانات لجماهيرنا بأنه قادرعلى التسجيل والتكيف مع واقع المباريات، ومزعجة
أيضا لأنها كشفت عن عورات عديدة في خطط المدرب الوطني، الذي لا يملك هذه
المرة سوى عذر واحدا تترجمه رغبته في تجريب العناصر الجديدة التي منحت فرصة
اللعب إلى جانب بعضها البعض في مباراة دولية كبيرة من هذا الحجم. اما
عندما نقول ان النتيجة لا تهم في حالة منتخبنا الذي مازال يبحث عن التوازن
بين خطوطه فمؤدى ذلك ان مثل هذه النتائج لا يمكن الاخذ بها كمقياس قوة أو
ضعف، لأن ما يهم الطاقم الفني وهو يخوض التجارب الأخيرة قبل دخول المونديال، هو الوقوف على نقاط القوة والضعف في تشكيله.
وربما
يكون المدرب الوطني قد وقف على العديد منها في هذه المباراة وربما كانت
الإيجابيات أكثر من السلبيات، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن أكثر من نصف
التعداد لعب لأول مرة في المنتخب على غرار الحارس مبولحي الذي عوض فوزي
شاوشي وبلعيد ومصباح وقادير وقديورة وبودبوز، فضلا عن لحسن مدحي الذي يعتبر هذا اللقاء ثاني ظهور له في المنتخب.
الجزئيات البسيطة وراء الهزيمة
وفي
مثل هذه الحالة من الصعب اتخاذ النتائج مهما كانت ذريعة لتوجيه الإنتقادات
يمينا وشمالا للمدرب الوطني أو للاعبيه أو الخوض في الاشياء الهامشية التي
لا تنفع في هذا الظرف بالذات. وهنا ايضا لابد من الاقرار بأن لاعبي
المنتخب الوطني الذين خاضوا مواجهة ايرلندا لم يقصروا ولم يتقاعسوا بل
أدوا مباراة رجولية وخسروا من بعض الجزئيات بعضها ناتج عن سوء تقدير كما
هو الحال في الهدف الاول، الذي سجل من وضعية مشكوك فيها ومن تمركز خاطئ
لبعض المدافعين اثر كرة ثابتة، كما ان الهدف الثالث جاء من ضربة جزاء ومن
كرة مرتدة ابت في نفس اللحظة زيارة عرين الحارس الايرلندي وستوود الذي
نابت عنه العارضة في الدقيقة ,85 حيث تحولت الكرة إلى هجوم مضاد أسفر عن ضربة الجزاء سجلها روبي كين.
فيما
أخطأ الحارس شاوشي في صد الكرة في لقطة الهدف الثاني وكان مسؤولا عن
الاصابة وذلك لسبب بسيط وهو ان شاوشي لم يتعامل مع الكرة بالرزانة الكافية
فسقطت منه عند الستة امتار ليلتقفها الكهل روبي كين مسجلا الهدف الثاني.
غيابات بارزة وبودبوز وقديورة وبلعيد يتألقون
وباستثناء
هذه الجزئيات التي صنعت الفارق يمكن القول ان المنتخب الوطني الذي غابت
عنه أسماء كبيرة مثل بورة، عنتر يحيى، يبدة، كريم مطمور، لم يكن أسوأ من
منافسه في هذه المباراة، وربما كان ندا له على امتداد الشوطين، انطلاقا من
الفرص التي اتيحت للاعبيه، وخاصة في الشوط الثاني، حيث ضاعت من زياني فرصة
صريحة، حين وظف الحارس وستوود كل امكانياته للحيلولة دون دخول كرة صانع
العاب المنتخب الجزائري في واحدة من أخطر المحاولات، ثم ارتطام الكرة في
هذا الشوط بالعارضة الافقية بعد محاولة عدلان قديورة التي اسالت العرق
البارد للمدرب الايطالي تراباتوني، ليبقى سوء الطالع يلازم المهاجمين
الجزائريين الذين لم يسجلوا منذ نهائيات كأس افريقيا للامم الأخيرة
بأنغولا. وإذا كان عقم الهجوم الجزائري يشكل هاجسا كبيرا للطاقم الفني
المطالب بمعالجة الثغرة الموجودة على هذا المستوى، فإن هناك ايضا ثغرة
تزيد من هواجس كل الجزائريين الذين ربما يتفقون على ان المنتخب الوطني
يعاني من مشكل هام وهام جدا وهو غياب الانسجام بين خطي الوسط والهجوم
بالدرجة الأولى، وربما هذا ما يجعل الهجوم أقل فاعلية بل وتنعدم لديه هذه
الميزة بالرغم من وجود جبور وغزال. ولا شك ان المدرب الوطني يكون قد تفطن
لكل كبيرة وصغيرة يجب تدوينها والتعامل معها، بعد هذه المواجهة وربما يكون
ايضا قد اطمأن على بعض اختياراته، انطلاقا من التغييرات التي أدخلها على
تعداده، بضمه للعديد من الوجوه الجديدة التي تكون قد تركت لديه انطباعات
جيدة في أول ظهور لها، خاصة على مستوى الدفاع الذي جرب على مستواه كلا من
مبولحي، بلعيد، مصباح وقادير.
كما
يكون المدرب الوطني قد دون ملاحظات إيجابية عن اللاعب الشاب بودبوز الذي
اضفى الكثير من الحماس على مستوى خط الهجوم بمجرد دخوله في الدقيقة ,67
وكذا قديورة الذي قد يشكل ورقة رابحة قبل المونديال، اضافة الى مدحي لحسن
الذي لم يلعب بكل امكانياته ومع ذلك أعطى الانطباع على انه بالفعل لاعب من
طينة الكبار، ومقارنة بأول ظهور له أمام صربيا، كان هذه المرة في الصورة
التي حفظها عنه الجمهور الجزائري من خلال ناديه سانتاندير الاسباني.
زياني قطعة أساسية في أي بناء
أما
كريم زياني فقد شكل وكعادته قطعة أساسية في صنع العاب المنتخب الوطني،
وكان حصان رهان المدرب رابح سعدان الذي تحمل من أجله الكثير من الانتقادات
التي كانت ترى في توجيه الدعوة له نوعا من العبث، بحجة ان هذا اللاعب لم
يشارك مع ناديه ولولسبورغ منذ عودته من انغولا، في شهر حانفي الفارط، وان
نقص المنافسة قد يشكل عائقا كبيرا أمامه في العودة الى مستواه، لكن ما حدث
هو ان سعدان نجح في إعادة زياني الى فورمته التي لعب بها التصفيات وربما كان مستواه أحسن بكثير من ذلك الذي أظهره في لقاء صربيا الودي.