ابتسامة في وجه الألم
عندما تحتك
بالحزن في اليوم آلاف المرات يصبح من معارفك ثم يتحول إلى صديق عزيز, لا
يعود ذلك الوحش الذي تخاف منه و تتجنبه تجلس أنت والحزن معا..تتأملان معا
في هذا العالم..
أنا و الحزن صديقان لكني لم أظن انه صديق فتاة أخرى بل فتاتان..
صديق تلك
الفتاة التي تسكن في البناية المقابلة لنا هي و أختها ,تعيشان معا و
تشتركان معا في نفس المأساة و إن كانت مأساة بمفهومي أنا و ليس بمفهومهما.
اذكر أني
دخلت شقتهما خطا ذات مساء كنت فيه ابحث عن صديقة لي تسكن نفس البناية
رحبتا بي و أدخلتاني رغم انه ليس بيننا من معرفة سابقة لكنني لم استطع
البقاء هناك طويلا فقد شعرت بصديقي الحزن يجذبني إلى الخروج..اجل لقد بعث
في دخول تلك الشقة حزنا لا مثيل له فقد كانت الفتاتان ضريرتان..
خرجت من
هناك و الدموع تنساب دون انقطاع لم تريا من هذا العالم شيئا لا الألوان و
لا السماء الواسعة و لا البحر و لا أيا من الاشياء الجميلة التي تزين
كوكبنا بفضل الله أولا و أخيرا.
لم تريا حتى وجهي و ماذا ارتدي و هل أنا لصة أو كائنا ما كنت.
كانت صديقتي
تسكن مع أهلها في الشقة المجاورة لهما ,تعرفهما بل و تربطها يهما صداقة
وطيدة و هي –جزاها الله خيرا- تهتم بشؤونهما و تصطحبهما كل صباح إلى
الجامعة حيث تدرسان (بطريقة البراي).
و تعرفت
عليهما,لا ادري لم شعرت أمام شخصية كل منهما بالخجل من نفسي ,أنهما تمزحان
و تتحدثان ببراعة فلا تمل من الجلوس إليهما و راضيتان كل الرضا عن امر
الله فكيف نتذمر نحن ?
نتذمر و
لدينا عيون و ايد و ارجل نستعملها كيف نشاء و متى نشاء لكنهما في حاجة
دائمة لمن ياخذ بيدهما, كيف نطلب من الله كل يوم المزيدو المزيد دون ان
نشكره على نعمه التي لا حصر لها و لا نستطيع ان نشكره حق الشكر مهما فعلنا.
قالت لي احداهما :
*جميل ان
تكوني عمياء فلا ترين في الشوارع المناظر المخلة بالحياء و لا ترفعين
عيونك في وجه اي شاب فلا تكونين اثمة..قال لي المبصرون ان الفتيات يمشين
نصف عاريات و ان ارصفة الشوارع و الحدائق تعج بالعشاق الذين لا يحترمون
صغيرا و لا كبيرا فيفعلون كل شيء على مراى و مسمع من الناس.قال لي
المبصرون ان الشواطئ بدل ان تكون مكانا للتامل اصبحت ناديا لاستعراض
الاجسام الممتلئة و القامات الممشوقة ..
هل صحيح ان الحزن صديقهما كما هو صديقي..رايتهما تشرقان بالفرح رغم كل شيء و رايتني مليئة بالحزن رغم ما املك..
ادركت حينها اني مقصرة في حق ربي علي و في حق نفسي.
و اصبحت
اتردد عليهما بين وقت و اخر لاجدد ايماني و لاشاركهما لحظات من الضحك و
النقاش فانا رغم صداقتي مع الحزن املك روحا مرحة و قدرة على اضحاك من
حولي متى اردت.
سامحني يا الهي لانني مهما فعلت لن اشكرك حق شكرك..
سامحني إن تذمرت..
و اغفر طيش الشباب الذي أعمى بصيرتي
فتناسيت واجباتي الدينية ردحا من الزمان.
سامحنا جميعا يا رب