أنا و البحر ...

...

- منذ صغري و أنا
اهوى المشي في الحقول ، داخل الغابات ، ما بين الجبال ، على حافة الوديان
، تنوعت لوحات الخالق في كونه ، و تزخرفت بألوان باهية ، فكم من مرة
لفحتني الشمس و قرضني البرد و هزتني الرياح ، أنا و الطبيعة في تغير دائم
، فدوام الحال من المحال ، نعم أنا رحالة ، ليس ما بين البلدان ، و إنما
داخل نفوس البشر ، زرت قلوبا عدة و سكنت أحلاما عديدة ، قرأت كتبا كثيرة
و ألفت أكثر ، تعلمت و بحثت حتى كدت أقول وصلت ، لكنني و في خلال تجوالي
إلتقيت بها في مشوار حياتي ... كبحر عرم ، لا قرار له ، يجب أن أخوض غماره
، كلما تغلغلت فيه أحسست بالوحدة تغمرني ، و بالبرد يخرج منه فيهتك بدني ،
أريد أن أنهي سفري فتأبى يداي عن التجذيف و تتشبثا بمياهه المالحة ، و
تعانقا زبده ، و يحن قلبي ثانية للبحر ، فأتمنى لحظتها لو أغرق و أموت و
يكون قبري ذلك القاع السحيق العميق ، و كفني تلك الظلمات الحالكة ، فلربما
هناك و هناك فقط سأحس و لأول مرة بالدفء ، نعم هي ذلك البحر الهادئ المفرط
في هدوئه ،هي الباعث على الملل ، سكينة ما بعدها سكينة ، جو يبعث على
الجنون ، نشتاق أحيانا إلى موجة نشاكسها لتشعرنا بقيمة الحياة ، أو بجزيرة
نرسو عليها كبر للأمان ، منها نقتات و فيها نريح عظامنا ، لكن يأبى ذلك
البحر أن يثور و يظهر بصورة أخرى حتى و لو على حسابنا ، المهم أن نحس
بالحياة تدب داخله ، فأنا لا أحب أن أمخر عباب الموتى ، فيا أيها اليم ثر
و هج و لا تبالي ، فمهما كانت ثورتك ، فستكون أخف وطأة مما أنا فيه الأن
... لحظتها أمسكت بقلمي للمرة الألف لأخط بعض الكلمات داخل كتاب حياتي ،
فأجد كل الصفحات بيضاء ، و كأنني مجرد من الماضي و من الذكريات ، لأنه حتى
الأن و بعد كل هاته المدة لم تطفئ مياه البحر النيران المتأججة بداخلي ، و
كلما شربت من مياهه كلما زدت عطشا ، و أستطيع القول أننا حتى الأن لم
نمش في نفس الإتجاه و أننا و ضعنا جدارا إسمه فيما بعد ، لكن إلى متى ؟
...

» حورية البحر
» النثر...مع البحر
» مع البحر من اجلك ياقدس